ساعات مهدورة في دنيا الوهم

0
هرش رأسه حوالي نصف دقيقة مفكرا بعمق ثم قال أخيرا وهو ينظر لنا في وقار:
" ترينيتي طبعا! .. (منة) أقل منها بمراحل "

علت الأصوات ما بين محتج ومؤيد, حتى أن بعض المارة التفتوا لمكاننا على مقهى (حسونة) متوقعين أن يتطور هذا الجدال الصاخب في لحظة واحدة لمعركة بأكواب الشاي واللكمات.

أصل الحكاية هو أن واحدا منا نحن الأربعة طرح السؤال التالي لـ" يشغل الوقت " كما قال : (أيهما أكثر سخونة وأنوثة, بطلة فيلم الماتريكس- ترينيتي - أم منة شلبي؟). لم أجب في الحال مفضلا سماع باقي الآراء أولا رغم أن المسألة عندي محسومة تماما.

في البداية انفعل صلاح الدين. فالقرص الصلب لجهازه يحوي - كم نعلم جميعا - كل صورة تم نشرها على الإنترنت لـ ( كاري آن موس ) - الممثلة التي أدت دور ترينيتي - وهو يعتبر نفسه المتحدث الرسمي باسمها والمدافع عن فنها بكل قطرة من دمه, مع أنها تجهل وجوده في هذه الدنيا أساسا !.. كلنا يعلم هذا لذا كان الأسلم غلق باب النقاش تجنبا للخلاف.

لكن الهجوم المضاد الذي شنه (عمر) - وهو مشعل الفتنة أساسا بسؤاله - زاد من حدة الموقف. فوجهة نظره أن المنتج ( المحلي) مهما كانت عيوبه, هو أفضل من أي منتج (مستورد), وبالتالي علينا تشجيع الأنوثة البلدية لا الغربية, وبهذا - وأنا أنقل كلامه بالحرف! - نفوز في ( صراع الحضارات )!!.

لم تهدأ الأمور بهذا التصريح, بل اتجه الكلام نحو العولمة و( عقدة الخواجة ) , وتطايرت الاتهامات بيننا..

"خائن!"
"عميل للإمبريالية الأمريكية!"
"عديم الذوق في النساء!"
" بيئة! 
"الحساب!"

الصيحة الأخيرة كان مصدرها الجرسون الواقف أمامنا مطالبا بالحساب. دفعنا في صمت وقمنا.

بعد خطوات قليلة أردت تخفيف جو الخصام الناتج من النقاش فقلت في نبرة عاقلة : " لن نخسر صداقتنا من أجل شيء صغير كهذا. عيب جدا على شباب مثقف مثلنا! " , وفعلا جاءت كلماتي بنتيجة فورية, إذ أطرق الثلاثة والندم يكاد ينطق من ملامحهم. حتى أن عمر رفع رأسه وقال: " المسألة لا تستحق.. أنا نفسي لم أشاهد أي فيلم لمنة شلبي!.. وكدليل على الصلح من ناحيتي سأدفع الآن ثمن أي دي.في.دي تختارونه لنشاهده معا على كمبيوتر صلاح"

ابتسمت لموجة الكرم غير المسبوقة هذه, لكن ما لبثت ابتسامتي أن اختفت حين أكمل حديثه. " .., ما اختياركم إذن؟ .. هاري بوتر أم تيتانيك؟ " , وهنا علت أصوات الجدال من جديد.


----




((تعليق القصصي المغربي الشاب رفعت خالد على القصة))

السلام عليكم..

قصة تركز فيها الكاميرا على لقطة تافهة من حديث تافه من أحاديث المقهى التافهة... و كم من الأشياء التافهة التي تبدو في غاية الأهمية إذا ما سُلّط عليها الضوء.

لن أناقش رأيك لأني لا أعلمه صراحة فالعنوان يشي بعكس ما تحمله القصة و لكن حديثي عن القصة و أبطالها..

فعلا، معظم شبابنا حاليا منشغل بقضايا كهذه.. مدى سخونة الممثلات ؟.. و آخر صورة نُشرت للممثلة فلانة و المغنية علانة.. و ربما اللون المفضل لأخرى ! !... سبحان الله !..

أيصل الفراغ و انعدام الهمة بهم إلى هذا الحد ؟.. أيكونون على هذه الدرجة من الهوان و الذل ؟..

و لكنها، برأيي، التربية الغائبة التي تجعل شبابنا يتربون على يد الأفلام و المسلسلات و الكليبات.. و المشكل أن هذا لم يصبح مقتصرا على فئة معينة نسلط عليها الضوء و ندرسها بدقة.. إنما أصبح العكس هو من يشكل الفئة النادرة التي يدرسها البعض بصفتها فئة متزمتة، رجعية (لا) حضارية !..

هذا ما يحز في قلبي.. عندما تجد صورهن و صورهم في كل مكان و قد أضحوا قدوات و مناهج حياة.. حتى أنك تجد من الفتيات من تقول أن الممثل فلان هو رجل حياتي !.. و قد شاهدت، بالمناسبة، فيديو على يوتوب يعرض مقطعا من برنامج ما يستضيف (الفنان) تامر حسني حيث اتصلت إحداهن و قالت أن تامر هو رجل حياتها و أنها مستعدة للارتباط به حتى لو كانت المرأة (السادسة) بحياته ثم انفجرت باكية !..

فكم من الشباب اليوم الذين يرون أن هناك شيئا ليس على ما يرام في كل هذا ؟..

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.




لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمون

مدونه اف اح