المستحيلات الثلاثة

0
بعض الألفاظ يتغير معناها بمرور الزمن، فتكتسب دلالات جديدة وتفقد دلالاتها القديمة.
كلمة "مستحيل" يغلب استخدامها الآن في العربية المعاصرة للدلالة على ما لا يمكن تحققه، لكنها قديما كانت تستخدم في سياق آخر..
فكلمة "استحال" في الكتب العربية القديمة تأتي بمعنى تحول من شيء إلى شيء آخر، والمستحيل هو "المتحول"
فيقال: استحال الماء ثلجا.. أي تحول الماء إلى ثلج.

فهل يمكن أن نكون قد أخطأنا في فهم ما يقصده العرب القدامى عندما قالوا أن المستحيلات الثلاثة هي الغول والعنقاء والخل الوفي؟!
فهذه المقولة نفهم منها اليوم أن الصديق المخلص شيء نادر جدا بل ومستحيل عمليا، لكن ربما كان مفهومها الأصلي هو أنه لا أمان حتى مع الصديق المخلص إذ قد "يتحول" في أي وقت ويصير خائنا أو عدوا!
وتحول الحال من حال إلى حال هو أمر غير مستبعد ولا مُحال.

الغول مخلوق أسطوري تخيله العرب البدو على هيئة شيطان يقوم بتغيير شكله ويستدرج البدو أثناء ترحالهم ليلا في الصحراء ثم يقتلهم.
وفي الحديث الشريف: لا غول. (أي أن قصص العرب عن الغول مجرد أساطير)

والعنقاء طائر أسطوري كان القدماء - من أيام المصريين القدماء والفينيقيين - يعتقدون أنه خالد، أي عندما يأتي موعد موته يحترق تلقائيا ويتحول لرماد ومن هذا الرماد يتولد مرة أخرى، وهكذا.
أي أنه دائم التحول من حال إلى حال.

إذن الغول يتحول والعنقاء تتحول وكذلك الصديق الوفي قد يتحول.
=====

من الألفاظ التي تغير معناها أيضا مع الزمن كلمة "ذرة"..
ففي العربية القديمة والقرآن تأتي كلمة ذرة بمعنى النملة الصغيرة، وجمعها (ذر) [ومنها كنية الصحابي أبي ذر الغفاري]
لكن اليوم عندما نسمع كلمة ذرة يأتي على ذهننا مفهوم الـ Atom أي وحدة بناء المادة في الفيزياء.

[كلمة Atom نفسها يجب أن تتغير، لأن الغربيين اختاروها عندما كانوا يظنون أن الذرة هي أصغر جزء من المادة وأنه لا يمكن تقسيمها لجزيئات أصغر. فكلمة A-tom تعني حرفيا: الذي لا يتجزأ. وحيث أن هذه الفكرة ثبت أنها خاطئة أصبحت التسمية غير مناسبة]

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمون

مدونه اف اح