خطر فجأة ببالي أحد الأفلام التي شاهدتها "أيام الشقاوة".. تذكرت مناظره الطبيعية الخلابة، وخاصة السهول الأسبانية الخضراء التي ركز عليها المخرج فصارت أبقى في الذاكرة من تفاصيل الفيلم نفسه وأحداثه.
أما اسمه فغاب تماما عن الذاكرة.
وهو أحد تلك الأشياء التي تظل تؤرقك إلى أن تتذكرها، فيُشفى غليلك، ويهدأ فضولك، وتطمئن على صحة ذاكرتك!
كل ما كنت أتذكره أني شاهدته مع صديق لي، سنة 2006، في المركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية، ضمن سلسلة من الأفلام الأوروبية التي كانت تُعرض مجانا وقتها.
المشكلة هي أن موقع المركز الفرنسي لا يحتفظ بالأرشيف بعد كل هذه الفترة.. بالإضافة إلى أن الفيلم الذي عرضوه علينا يومها كان مختلفا عما كان مذكورا في "بروجرام" اليوم!
وبهذا صارت مهمة تذكر الاسم عن طريق البحث في الأرشيف متعسرة.
بعد القليل من التنقيب وصلت لموقع جوته (المركز الألماني الثقافي)، ووجدت اسم الاحتفالية، وبعض المعلومات عنها.
December 2006 Euro-Cinema Festival ( 7-15 December )
Organized and Sponsored by: All European Cultural Centers in Alexandria
Hosted by: The French Cultural Centre
The eight European Cultural Centres of Alexandria: The Centre Culturel Français, the Goethe-Institut, the Hellenic Foundation for Culture, the Italian Consulate, the Russian Centre for Science and Culture, the British Council, the Instituto Cervantès and the Swedish Institute in Alexandria are participating to present Euro-Cinema, 9 days of a fascinating encounter with new European cinema.
We will show during the nine days 16 films from our countries, two films from each country. The Alexandrinians will explore the diversity of European cinema production and the common spirit of our film culture.
EuroCinema II 2006 مهرجان السينما الأوروبية 2 بالإسكندرية
استمر المهرجان لتسعة أيام.. 16 فيلما بالإضافة لافتتاحية وخاتمة. ولا أذكر بالضبط كم عرضا حضرت، لكن ما علق بالذاكرة كان بعض الأعمال الفنية الطويلة التي فتحت لي نافذة على السينما الأوروبية، والتي تختلف كثيرا عما تغرقنا فيه هوليوود الأمريكية طوال الوقت!
جدول عرض الأفلام الذي وجدته لم يتضمن الفيلم المقصود، لكني وجدته فيما بعد عن طريق استخدام خصائص البحث المتطور في موقع قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت IMDB ، بإدخال بلد المنشأ وحيز تقريبي لسنة الإنتاج، بالإضافة لبعض الكلمات المفتاحية من قصة الفيلم.
وكانت النتيجة هي التعرف عليه أخيرا.
La vida que te espera (Your Next Life - 2004) Spain
وتدور أحداثه في منطقة نائية في الريف الأسباني، يعيش فيها الفلاحون بطريقة بسيطة لم تتأثر كثيرا بحياة المدن (الحضر) وتعقيداتها.
أما الفيلم الآخر الذي أثر في نفسي عندما شاهدته في المهرجان فكان من ألمانيا
“Die fetten Jahre sind vorbei” The Edukators (2004)
ومعنى اسمه: قد ولّت السنين السمان!
وهو عن الفكر الثوري الاشتراكي في عالم حالي تغلب عليه المادية والرأسمالية.
والغريب أن الفيلمين الآخرين الأوربيين المفضلين عندي هما أسباني وألماني أيضا..
Big Girls Don't Cry (2002) Germany
L'Auberge Espagnole (2002) France-Spain
(فيلم الفندق الأسباني هو إنتاج فرنسي أسباني مشترك. وله جزء ثان اسمه العرائس الروسية. وهناك جزء ثالث سيصدر باسم الأحجية الصينية)
-----
أما آخر يوم حضرته في المهرجان فكان الخميس 14 ديسمبر 2006، اليوم الثامن من الأيام التسعة، وقام المركز الفرنسي بعرض فيلمين فيه.. ألماني وبريطاني:
ألمانيا: (يوم واحد في أوروبا) ألماني أسباني، إخراج هانيس شتور، إنتاج 2004 مدته 100 دقيقة.
المملكة المتحدة: (البستاني المخلص) إخراج فرناندو مايرالاس، إنتاج 2005 مدته 130 دقيقة.
-----
وهكذا تفعل دول الاتحاد الأوروبي لنشر أفكارها وثقافاتها.. يعملون معا متحدين، وتحت راية واحدة على الرغم من تباين أذواقهم ولغاتهم.. فيسوقون لأنفسهم عن طريق أمثال هذا المهرجان، ويتعاونون فيما بينهم.. حيث يشترك المركز الفرنسي والأسباني والألماني واليوناني والبريطاني في تجميع جهودهم والتنسيق بين بعضهم البعض.
أما دولنا نحن العربية الإسلامية فلا تكاد تنتبه لنشر ثقافاتها داخليا أصلا، فضلا عن التفكير في نشرها خارجيا!
=====
:: إضافة للتدوينة (في يناير 2014) ::
وأتذكر أيضا أني حضرت مع نفس الصديق عروضا سينمائية مشابهة فيما بعد، كانت تعرضها مكتبة الإسكندرية ضمن أفلام أوروبية توصف بأنها تابعة لحركة الـ
Dogme 95 .. أي التي لا تعتمد على المؤثرات إطلاقا، بل يتم تصوير الفيلم بصورة "خام" أشبه بالأسلوب المسرحي.
شاهدنا فيلمَين من إنتاج الدنمارك، وخرجنا من الثالث (الذي كان بعنوان: الحمقى)
الأول هو Festen أي الاحتفال، من إنتاج 1998
والآخر Mifune's Last Song من إنتاج 1999
وأذكر أني اندمجت مع الفيلم الأول أكثر مما فعل الجمهور الحاضر للعرض وقتها، لأني فهمت أسلوبه المعتمد على الكوميديا السوداء.. فكنت أضحك في مواقف لا يضحك لها باقي الحاضرين!