John Finnemore's Souvenir Programme, Episode 4
Romulus and Remus
*رنين هاتف*
روميولوس يرفع السماعة ويقول بنبرة رسمية: هالو، هنا المركز الإداري لروما.. نعمل دوما على راحة الرومان.
الأم: هل هذا أنت يا عزيزي روميولوس؟
روميولوس (بنبرة أقل رسمية) : نعم يا أمي.. هل أنتِ بخير؟
الأم: بخير حال يا صغيري. ما أحوالك أنت؟
روميولوس: مشغول للغاية.. روما استقرت بعد اكتمال بناءها لكن يوجد الكثير من العمل لتطوير المدينة كما تعرفين
الأم: كلنا فخورون بك يا عزيزي.. وبالأخص أخوك.
روميولوس: ريموس؟! لا أظن!
الأم: بالعكس! كل المسألة أنه يشعر ببعض الدونية أمامك، خصوصا مع تطور مدينتك كل يوم ونموها واتساعها.
وفي الحقيقة هذا هو سبب اتصالي. أريدك أن تساعد أخوك في مشروعه.
روميولوس: أي مشروع؟
الأم: أنت تعلم تماما أي مشروع أقصد! مدينة (ريم) التي يخطط لها.
روميولوس: لكن يا أمي مدينة (ريم) المزعومة لن تتحقق أبدا! إنها مجرد فانتازيا واهمة يتخيلها ريموس.
الأم: لكن يمكنها أن تنجح ببعض المساعدة منك.
روميولوس: لا أمل في ذلك إطلاقا. إن كان يريد بناء مدينة مثلي فكان عليه البدء مبكرا كما فعلت، بدلا من إضاعة وقته مع حوريات الغابة!
روما لم يتم بناؤها في يوم كما تعرفين!!
Rome was not built in a day
الأم: لا أطلب منك أن تبنيها له، كل ما أطلبه هو بعض النصائح له والمساعدات.
روميولوس: لكن تخطيطها سيء من البداية! كل الأجزاء الجيدة مسروقة من تخطيط روما على أية حال! وباقي الاختلافات التي أضافها عديمة الفائدة.
فلمجرد أنه يريد بناءها على ثمانية تلال لا يعني أنها ستكون أفضل من روما!! فالأمور لا تسير بهذه الطريقة في رسم المدن وتخطيطها.
الأم: إذن أصلح له أخطاءه.
روميولوس: لن يستمع لي! ريموس يظن أني "رأسمالي متعفن" لمجرد أني وضعت بنوكا وسجونا في روما! لكن في الحقيقة لا يمكن إدارة مدينة بنجاح دون هذه الأشياء.
على رئيس المدينة الناجح أن يخدم رغبات سكانه. وكما يقال: إن كنت في روما فافعل كما يفعل الرومان!
When in Rome, do as the Romans do
الأم: هل ترفض مساعدته إذن؟!
روميولوس: أرجوكِ لا تنظري للمسألة بهذا الشكل يا أمي. حتى لو أردت مساعدته فلا يمكن الآن. كل البنية التحتية تم وضعها بالفعل بحيث تخدم مدينة روما وموقعها.
There is no room for reem
فكما تعلمين، كل الطرق تؤدي إلى روما!
All roads lead to Rome
الأم: حسنا، لقد سمعت اعتراضاتك لكني ما زالت مصممة على رأيي. عليك مساعدة أخيك ريموس في بناء مدينة ريم. وهذا قرار نهائي مني.
روميولوس (بنبرة تحدي) : وإن لم أفعل؟
الأم: إن لم تفعل فسأمزقك إربا بفك الذئبة الذي تعلمه جيدا!! (صوت زمجرة وحشية من الأم)
روميولوس (بصوت خفيض منكسر) : لو كنتِ أمي الحقيقية لما كانت فعلت هذا.
*النهاية*
=====
الرومان كان عندهم أسطورة بخصوص قصة تأسيس مدينتهم روما. تقول الأسطورة أن أحد الملوك قام أخوه بالاستيلاء على مملكته، وحبسه، وجعل ابنة الملك القديم كاهنة - رغما عنها - في معبد مخصص للعذارى، كي لا تتزوج ولا تنجب ابنا شرعيا ينازعه في المُلك.
الفتاة يأتيها أحد الآلهة، وهو مارس إله الحرب عند الرومان، وتنجب منه توأمين. يقوم الملك بوضع الطفلين في النهر كي يغرقا أو يموتا جوعا. لكن تحدث معجزات تؤدي لبقاء الطفلين روميولوس وريموس على قيد الحياة، ومنها أن أنثى ذئب تقوم بتبنيهما وإرضاعهما من لبنها.
ثم يشبان في بيت أسرة فقيرة، غير عارفين بأصلهما الملكي.
ولما يعرفان الحقيقة يعودان ويستعيدان الملك ويعيدان السلطة لجدهما المحبوس، ثم يقرران بناء مدينة جديدة ليحكماها.
يختلف الأخان في اختيار موقع المدينة، فيتعاركان ويقتل روميولوس أخاه ريموس، ثم يقوم بتأسيس مدينة روما على موقع يضم سبعة تلال.
هذه الأسطورة قام الرومان بتأليفها كي تكون شبه تاريخ لهم، وتدفعهم دوما للحرب والقتال والاستيلاء على البلاد الأخرى. أليسوا سلالة مارس إله الحرب؟! وأليس جدهم كان قاتلا لأخيه؟!
الفقرة الكوميدية التي كتبها وأداها البريطاني (جون فينيمور) مبنية على معرفة الجمهور بهذه الأسطورة وتفاصيلها. ثم يضيف عدة تفاصيل كوميدية ممتازة، كاستخدام جو "مودرن" للحوار بين روميولوس وأمه، نراه في استخدام الهاتف.
ويضيف أيضا مسألة استخدام التعابير والأمثلة التي وردت فيها كلمة روما، ويدمجها في الحوار بحيث تأتي "تلقائية" على لسان روميولوس! وهي براعة في التأليف لا يمكن إنكارها.
المؤلف أدخل ثلاثة أمثلة شعبية في الحوار، كلها تدور حول روما، ومعروفة للجمهور الإنجليزي المثقف:
1- Rome was not built in a day
2- When in Rome, do as the Romans do
3- All roads lead to Rome
وهي معروفة أيضا للجمهور العربي لشهرتها.
1- روما لم تُبن في يوم
2- إن كنت في روما فافعل ما يفعله أهل روما
3- كل الطرق تؤدي إلى روما
المثل الأول يشبه ما يقوله المصريون بالعامية: ربنا خلق الأرض في 6 أيام
والثاني يشبه المثل الشعبي المصري الذي يقول: إن كنت في بلد بتعبد العجل، حِش وإديله!
(وهو دعوة لتقليد الآخرين كي تندمج معهم، حتى لو كان الثمن هو تغيير دينك)
كل هذه التفاصيل نجح المؤلف في إخراجها في "اسكتش" كوميدي لا تكاد مدته تزيد على الدقيقتين!!
ما دعاني لشرح كل هذا هو سؤال سألته لنفسي: هل سيفهم الجمهور العربي حوارا كوميديا كهذا إن تم تقديمه بالعربية، أم سيكون أكبر من قدراته على الاستيعاب؟؟
هل الكوميديا المصرية يجب أن تكون غبية وتافهة كما نرى في الأفلام والمسرحيات الحالية، أم أن الجمهور قد يُقبل فعلا على حوارات ذكية كوميدية تحترم عقله إن تم تقديمها له؟؟