هل يجوز أن يقال للداعي " ربنا يسمع منك" ؟

0

ســــــؤال

هل يجوز أن يقال للداعي " ربنا يسمع منك"

الجواب

---------------

الحمد لله

أولا :

صفة السمع صفة ثابتة للرب تعالى بالكتاب والسنة والإجماع ، والسمع الذي اتصف به الرب عز وجل

ينقسم إلى قسمين : سمع إدراك وإحاطة , وسمع إجابة وقبول .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وَكَذَلِكَ سَمْعُهُ لِكَلَامِهِمْ يَسْمَعُ كَلَامَهُمْ كُلَّهُ مَعَ اخْتِلَافِ لُغَاتِهِمْ وَتَفَنُّنِ حَاجَاتِهِمْ ؛

يَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ سَمْعَ إجَابَةٍ وَيَسْمَعُ كُلَّ مَا يَقُولُونَهُ سَمْعَ عِلْمٍ وَإِحَاطَةٍ ، لَا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ

وَلَا تُغَلِّطُهُ الْمَسَائِلُ وَلَا يَتَبَرَّمُ بِإِلْحَاحِ الْمُلِحِّينَ " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (5 /480)

فمن النصوص التي ذكر فيها سمع الإحاطة :

قول الله عز وجل :

( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ) الرعد/10

وقوله سبحانه : ( قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) الأنبياء/ 4

وروى النسائي (3460) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ ، لَقَدْ جَاءَتْ خَوْلَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو زَوْجَهَا فَكَانَ يَخْفَى عَلَيَّ كَلَامُهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ) الْآيَةَ . صححه الألباني في "صحيح النسائي" وهو في "صحيح البخاري" معلقا (7386)

(1)

ومن النصوص التي ذكر فيها سمع الإجابة :

قول الله تعالى : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) البقرة/127 ، وقوله تعالى : ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) آل عمران/ 35 ، وقال تعالى : ( فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) يوسف/ 34

وروى مسلم (404) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قال : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا فَقَالَ : ( إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ... الحديث ، وفيه ( وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ ) (2)

قال النووي رحمه الله :

" وَمَعْنَى ( سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ ) أَيْ : أَجَابَ دُعَاء مَنْ حَمِدَهُ . وَمَعْنَى ( يَسْمَع اللَّه لَكُمْ ) يَسْتَجِبْ دُعَاءَكُمْ " انتهى .

والسمع المذكور في السؤال هو من هذا النوع الثاني ؛ فمراد القائل لمن دعا : الله يسمع منك ، ونحو ذلك ، أي : الله يستجيب لك ؛ وإلا فكل مؤمن يعلم أن الله تعالى يسمع قوله سمع العلم والإحاطة .

وعلى ذلك فلا حرج على من قال ذلك ، أو دعا به .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من الدعاء الذي لا يسمع :

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْأَرْبَعِ : مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ ) رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن . (3)

والمراد بها الدعوة التي لا يستجاب لها ، كما في رواية مسلم ـ من حديث زيد بن أرقم ـ (2722) لهذا الدعاء : ( وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا ) .

والله أعلم .

راجع للاستزادة إجابة السؤال رقم : (126406)

موقع الإسلام سؤال وجواب

(1) رواه النسائي / حققه الألباني / صحيح سنن النسائي /

كتاب الطلاق / باب الظهار / حديث رقم 3640/ صحيح

(2) أخرجه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب أبواب صفة الصلاة /

باب إيجاب التكبير وإفتتاح الصلاة / حديث رقم 696

(3) رواه النسائي / حققه الألباني / صحيح سنن النسائي /

كتاب الاستعاذة / باب الاستعاذة من نفس لا تشبع / حديث رقم 5467/ صحيح

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمون

مدونه اف اح