تدوينة شخصية 3 - عن عزام و لوك و كوبر

0

تدوينة اليوم تعتبر استكمالا لتلك السلسلة المتقطعة التي كنت بدأتها منذ فترة. مجرد انطباعات ذاتية وأمور حياتية لا وقت لتفصيلها في تدوينات منفصلة، وتذكير للنفس بالأفكار التي تشغل ذهني وقت كتابتها، كمرجع أعود له في المستقبل لأعرف فيم كنت أفكر.


في الشهور القليلة السابقة راقبت زواج إحدى بنات العائلة عن قرب، وتابعت المشاكل التي تطرأ على المتزوجين حديثا. وقد أكد لي ما شاهدته كل انطباعاتي السابقة عن الموضوع، وزاد من قناعتي بالامتناع قدر المستطاع عن التورط في مسألة الزواج وما يصاحبها من "وجع دماغ" !!

يبدو فعلا أن أغلب شباب الجيل وشاباته لا يعرفون "كيف يتزوجون".. تلك المسألة الفطرية التي كان جيل الآباء والأمهات سابقا يُشربونها للأطفال بالتدريج إلى أن يصلوا لسن الزواج فاهمين لمسؤولياته ومهامه. الآن للأسف قلما تجد من يفهم كيف يكون الزواج الناجح، وما هي مواصفاته. ويؤجل الرجال والنساء اكتساب تلك الخبرات إلى أن يتزوجوا بالفعل!!.. وكأن المسألة فاجأتهم فلم يهيئوا أنفسهم لفهم ودراسة أساليب إنجاح البيوت!
نظام التعليم الفاشل، ما دوره؟!.. كيف للفتاة أن تقضي سنوات طويلة من عمرها داخل وزارة "التربية" والتعليم دون أن يتم تدريس (كورس) منهجي لتعليمها كيف تتصرف حين تتزوج؟!!
والله، سيكون هذا المنهج وساعات الدراسة هذه أفضل وأنفع من أغلب ما يتم تدريسه للبنات الآن في الفصول.


 لسبب ما طرأ الشيخ عبد الله عزام على فكري منذ أيام قبل النوم. قد كنت قرأت سيرته قبل سنوات، في فترة اهتممت فيها بالتاريخ ومسألة الأفغان العرب والجهاد في العصر الحديث.. وبهرني الرجل بالطبع. وسأتكلم عنه هنا دون رجوع للمصادر أو التدقيق في التواريخ، فانطباعي عن حياته أثر في تكويني أكثر من تفاصيل حياته ذاتها.
فشخصيته تشبه أبطال الإسلام القدامى. وُلد في فلسطين وتم تهجيره للأردن. صار مدرسا في الجامعة، لكن اختار أن يتم ندبه للتدريس في باكستان عندما بدأ الغزو الشيوعي السوفيتي لأفغانستان 1979. كانت روسيا قد استخدمت بعض الشيوعيين الأفغان لتبرير التدخل العسكري في البلد الجبلي المجاور لها، لكن الغزو قوبل بمقاومة شرسة وإن احتاجت للدعم والسلاح. فكان دور الشيخ الذي رسمه لنفسه أن يجوب البلاد العربية والإسلامية لينشر بطولات المجاهدين ويجمع الدعم لهم. كان له أسلوب جذاب وقدرة على التأثير وتحبيب الناس في الجهاد. تم التغاضي عنه وسمح له الطغاة رؤساء البلاد بقدر من الحرية في الكلام والتنقل لأن أمريكا كانت تستفيد من الهجوم على الاتحاد السوفيتي، لكن أمريكا كانت تظن أن بعض الدعم لن يجعل دولة فقيرة وصغيرة مثل أفغانستان تنتصر على العملاق الشيوعي الروسي، بل ستدخله في حرب استنزاف للقوى طويلة الأمد. لكن الإسلام لا يمكن التحكم فيه!!,, وهو درس تعلمه الغرب بعد إخفاقات متتالية. فما أن يجد الدعاة متنفسا لهم ويُسمح لهم بالتواصل الحر مع الناس حتى تشتعل شعلة الإيمان في القلوب ويصعب السيطرة عليها!.. السادات مثلا حاول استخدام الشيوخ ليواجهوا موجة الإلحاد والشيوعية والاشتراكية التي تركها عبد الناصر، لكن الأمر خرج من يده ومن سيطرته وبدأت موجة واسعة من (الصحوة الإسلامية المصرية) نشاهد أثرها إلى اليوم بحمد الله وفضله.

كان الناس ينبهرون لقصص الشيخ عزام عن المجاهدين في أفغانستان، وكان البعض يتحمس فيتطوع للسفر للجهاد، عن طريق حدود باكستان بالطبع، وبدأ (مكتب الخدمات) الذي كان يديره ابن أحد الأثرياء السعوديين واسمه "الأخ أسامة بن لادن"، حيث يسهل المكتب مسائل السفر للمجاهد العربي الذي سينضم للمقاومة الأفغانية، وييسر عليه أول أيام سفره لعالم جديد غريب عليه. فالأفغان يتكلمون لغة البشتو، ومذهبهم المذهب الحنفي، وهي أمور لا يعرفها الكثير من المتطوعين القادمين من السعودية ومصر. وكانت الدول التي لا ترسل أفرادا للجهاد تعوض ذلك بالأموال، مثل الكويت. ويتم شراء أسلحة خفيفة بهذه الأموال. ويساعد أسامة بأمواله عائلات هؤلاء المجاهدين إن احتاجوا، ويدفع أحيانا ثمن تذاكر الطائرات التي كانوا المجاهدون يعودون فيها كل فترة لبلادهم للإطمئنان على أهليهم ثم العودة للقتال مرة أخرى. وكان الأمر منظما ومعلنا، وأسماء المجاهدين وبياناتهم مسجلة في "قاعدة" بيانات داخل مكتب الخدمات.
بالاختصار، كان زمنا جميلا ومشوقا. ويندم المرء أن لم يلحقه.
استمرت الحرب حوالي عشر سنوات. 79 - 89 ، وانهار على أثرها الاتحاد السوفيتي واهتزت صورته بعد أن هزمه بضعة آلاف من المقاتلين الشباب الفقراء الأفغان والعرب. لكن خطة الشيخ عزام كانت أكبر من هذا. فعينه كانت على تحرير فلسطين!
عبد الله عزام

ورأيه كان أن يتم استخدام هؤلاء الشباب الذين تدربوا في الحرب الأفغانية ليتم إرسالهم إلى فلسطبن وأن يطرق المجاهدون الحديد وهو ساخن. لكن للأسف تدخلت قوى عطلت هذه الخطة الطيبة. فدكتور أيمن الظواهري كان يتبع تنظيم الجهاد المصري، ويقال أنه أثر على تفكير أسامة بن لادن وأقنعه بالمنهج  الذي يوصف إعلاميا بـ "التكفيري"،الذي يقول أن بداية التحرير تكون بتطهير البلاد العربية من حكامها، وأن الأفضل هو عدم تنفيذ خطة الشيخ عزام الفلسطيني، بل الهجوم على الحكومات العربية لتحرير الشعوب أولا من طغيان رؤسائهم وإفسادهم لعقول الشعوب ودينهم.
وبدأت المشاكل والخلافات. لكن تم اغتيال الشيخ عزام بعد النصر بقليل.. تم تفجير سيارته ومعه ابنه وهما ذاهبان لصلاة الفجر. تم اغتياله داخل باكستان التي احتوت القضية الأفغانية بحكم الجيرة والدين. ورحل الرجل البطل شهيدا.
لكن أفغانستان عاد إليها الاحتلال مرة أخرى على يد الأمريكان. وأثبت الشعب الأفغاني النقي المتدين أنه عصِي على الاحتلال. إنما هذه المرة لم نجد من يأخذ على عاتقه نشر قضية الأفغان المسلمين بين شعوب المسلمين!.. لم نسمع عن سلسلة محاضرات في القاهرة تحكي البطولات، ولا رأينا شخصية مثل عزام تجمع التبرعات والشباب والسلاح لتحقيق النصر.
لقد خسر المسلمون كثيرا باغتيال هذا الرجل. وآن الأوان لظهور شخصية تسير على خطاه وتتمثل أفعاله.


من الشخصيات التي كان لها أثر جيد في تفعيل معنى الإيجابية في نفسي المدون الصوتي البريطاني، لوك بوراج، الذي يعمل كقاذف كرات محترف على السفن السياحية!.. لوك شخصية عجيبة للغاية، فهو بريطاني لكن يعيش في ألمانيا بعيدا عن أهله. علم نفسه الألعاب البهلوانية Juggling وتحولت من هواية لمصدر دخل. يؤلف الروايات وينشرها مجانا على موقعه الإلكتروني. له بودكاست شهير اسمه SFBRP يلخص فيه انطباعاته على كل رواية خيال علمي يقرأها. وهو مصور موهوب ويحب الفوتوغرافيا وتسجيل الفيديو!..


فـ Luke Burrage من هؤلاء الذين يبعثون في النفس حسرة، ويدفعون المرء لفعل المزيد واستغلال الوقت بشكل أفضل. وإن كانت آراؤه الدينية والفكرية الشخصية تختلف جذريا عما أؤمن به، إلا أن هذا لا يمنع الاستفادة من الأجزاء الأخرى في شخصيته، وأهمها كما قلت: الإيجابية والاجتهاد.



ويليام كوبر
كتبت في السابق عن ويليام "بيل" كوبر William Cooper وسلسلته الإذاعية الهامة التي كشف فيها مؤامرات حكومية أمريكية واسعة وخطيرة. هذا الرجل تم اغتياله بعد 11 سبتمبر بأيام.
وقد كان شوكة في حلق الساسة الأمريكان.. يهاجم سياساتهم واستخدامهم للإعلام الأمريكي للسيطرة على عقول الشعب بعيدا عن مبادئ الدستور التي كان يقدسه ويرى أن الحكومة تلتف عليه.



وبالأمس كنت استمع للحلقات المسجلة لبرنامجه الإذاعي على الموجة القصيرة ShortWave يوم انهيار الأبراج الثلاثة لمركز التجارة العالمي. البرنامج كان اسمه Hour of the Time
للتاريخ، عليك سماع هذه الحلقات!..

10 ساعات متواصلة على الهواء والرجل يتابع الأخبار أولا بأول ويتلقى الاتصالات ويضع أسس التشكيك في الرواية الرسمية التي ألصقت تهمة التخطيط لأحداث 11 سبتمبر بالمسلمين!
لقد فهم الرجل اللعبة منذ الوهلة الأولى. وفضح مسألة تفجير البرجين عمدا وأن الطائرتين لا يمكن أن يتسببا في انهيار الأساسات الحديدية لناطحتي السحاب بهذه الطريقة أبدا. إن كنت تفهم الإنجليزية فاستمع لهذا التسجيل، لترى ردود الأفعال الأولى لأحداث ذلك اليوم.

القناة الإذاعية التي كان يبث (وليام كوبر) منها كانت ضعيفة الإمكانيات لكن قدراته ومهارته وعقله الراجح وخبراته العسكرية وتاريخه الطويل مع البحث والقراءة جعلت برنامجه أهم برنامج إذاعي في مجاله في العالم كله!.. ولهذا استهدفه البيت الأبيض بالاسم عندما فضح مسألة تورط الفيدراليين في التخطيط لتفجيرات أوكلاهوما سنة 1995، فاضطر الرجل لترحيل زوجته الصينية الأصل وابنتيه خارج البلاد لحمايتهما، واستمر هو يتحدث من منزله بولاية أريزونا وينبه المستمعين في التسعينيات لما يتم تدبيره لهم على يد الحكومة، وأن استهداف نيويورك سيحدث وسيكون بداية لإدخال البلد في حروب ضد المسلمين الأبرياء!... ولما تحقق ما قاله ووقعت أحداث سبتمبر 2001 تم اغتياله يوم 5 نوفمبر على باب منزله، بشكل فج، وعلى يد الشرطة المحلية التي ذهبت تحت إدعاء تسليمه طلب الحضور للمحكمة في قضية "ضرائب" ومعهم إسعاف وطاقم طبي استعدادا للمواجهة المسلحة معه!

حاجز اللغة يحرم العرب من هذه المعلومات القيمة. فعليك ألا تحرم نفسك منها إن كنت تفهم الإنجليزية، وإلا فما فائدة تعلم اللغات إن لم تفتح لنا آفاقا جديدة لمواد ووثائق غير موجودة في لغتنا الأصلية؟!
وهنا تجد أغلب حلقاته بصيغة ملفات Mp3 صغيرة الحجم. أكثر من ألف ملف!


لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمون

مدونه اف اح