حكايتي مع اللوبونتو

0
بسم الله الرحمن الرحيم
=====
أستخدم الآن نظام تشغيل يعمل على جهاز من المفترض - في الظروف الطبيعية - ألا يعمل إطلاقا!
ولهذا لا تعجب حين أعجز عن إخفاء إعجابي بهذا النظام الذي أعاد الحياة إلى حاسب محمول Laptop تالف الهارد ديسك وقدرة بطاريته لا تتعدى الخمس دقائق!
نظام التشغيل الذي أقصده هنا هو من عائلة لينكس بالطبع، وابن لنظام أوبونتو، واسمه الكامل Lubuntu 10.04


إن كنت لا تعلم مدلولات الأسماء السابقة فأنت يا صديقي إذن من المستخدمين الذين لم يذوقوا سوى طعم النوافذ ونظام تشغيلها إياه!.. وفاتك عالم البرمجة المفتوحة المصدر، والأنظمة القابلة للتغيير والتعديل لكل من يملك الفهم البرمجي الكافي، والبرامج المجانية التي تقدر بالآلاف وتؤدي جل ما قد يخطر لك على بال من مهام. إنه عالم أنظمة التشغيل التي لا تصيبها الفيروسات، ولا تخفي ميكروسوفت داخلها أكوادا مغلقة سرية تربط جهازك بوكالة الأمن القومي الأمريكي NSA دون أن تدري أنت عنها شيئا!!
ولو تركت لنفسي العنان لأطلت قصائد الغرام في أنظمة التشغيل الحرة التي تقوي روح التشارك والتعاون بين المبرمجين والمطورين الذين يعملون على تطويرها وتحسينها كل يوم حول العالم، تطوعا دون مقابل.. ولا أكون مبالغا لو أطلت المديح، غير أن هذا ليس هدف التدوينة.

فتجربتي القصيرة في استخدام اللينكس كنظام تشغيل أساسي جعلتني أدخل ذلك العالم الذي حكيت لك عنه. وهو بالضرورة مرتبط بالإنترنت ارتباطا وثيقا. فعليك أن تحمّل نظام التشغيل نفسه من الشبكة، ثم تبحث عن المساعدة في تركيبه والتعامل معه على مواقع اللينكس المتخصصة، ثم تبحث عن البرامج التي تحتاجها وتحملها على جهازك، وهي بطبيعة الحال مختلفة الأسماء والصفات عما اعتدت عليه مع نظام الويندوز. ولن يسلم الأمر من قراءة صفحات كثيرة كتبها آخرون ليساعدوا المبتدئين أمثالك على حل المشكلات التي تواجههم عند التعامل مع بيئة تشغيل غامضة عليهم وغريبة عنهم. لهذا سأختصر لك المسألة وأنصحك بالابتعاد عن أنظمة التشغيل المفتوحة إن كنت ممن لا يطيقون عملية البحث هذه، ولا يحبون مطاردة المعلومات ولا يريدون كتابة كود برمجي واحد أو سطر أوامر في حياتهم كلها!.. وعليك بلزوم الحل "النوافذي التقليدي".. وكفى الله المؤمنين القتال.

لكن المضطر يركب الصعب، كما يقال. وقد كنت أنا مضطرا لاختيار نظام ينجح في التعامل مع مكونات هذا الجهاز القديم، على ألا يتطلب الأمر كتابة أي شيء على القرص الصلب التالف.. وبهذا خرج الويندوز من قائمة الاختيار.

وكنت أملك نسخة عتيقة لنظام لينكس من نوعية فيدورا (القبعة) جاءني كهدية مع عدد من مجلة لغة العصر. لكنها نسخة بدائية جدا وقديمة ولا يستعملها أحد الآن، ولهذا وُجدت الحاجة إلى تحميل نظام جديد.
وبدأت رحلة البحث عن نظام "خفيف".. قليل الاستهلاك لموارد الجهاز، ليقوم بالمهمة "بالكاد" دون أن يلتهم الذاكرة المؤقتة RAM والتي ستحل بالضرورة محل القرص الصلب. لأن حفظ الملفات والتعامل معها ومع البرامج سيكون مسؤولية الذاكرة المؤقتة المسكينة.. مما يعني أيضا أن يتم مسح كل الإعدادت كل مرة يبدأ فيها الجهاز من جديد!
وكان الحل هو استخدام النسخة التي يضعها أصحاب نظام التشغيل لمستخدمي ويندوز الراغبين في تجربة اللينكس دون عواقب، ودون تحميله على القرص الصلب، ودون تعديل في جهازهم. أي بأقل قدر ممكن من المسؤولية، مما يعطيهم حرية التخلي ببساطة عن اللينكس إن لم يعجبهم، والعودة بتلقائية إلى نظام النوافذ دون خسائر.
وهذه النسخة تسمى في عرف أهل التقنية: Live CD ، ويمكن أن تكون منسوخة على قرص مضغوط أو DVD أو حتى USB.
وبعد مقارنة بين أنظمة التشغيل المتعددة والتفريعات الكثيرة والإمكانيات المختلفة وقع الاختيار على Ubuntu ، لكن في صورة خفيفة Light تصلح للأجهزة "التعبانة" المنهكة. وأقصد هنا الإصدار المسمى Lubuntu والذي يستخدم في أمريكا لتشغيل الأجهزة التي يتبرع بها أصحابها للأحياء الفقيرة والأطفال الزنوج الذين لا يملكون شراء جهاز جديد بمواصفات قوية. ويقوم بعض "أهل الخير" بتجميع أجزاء هذه الأجهزة وتركيب Lubuntu عليها لأنه قادر على تشغيلها مهما كانت مواصفاتها متواضعة!
وفعلا.. جاءت النتيجة مرضية.
فالجهاز عاد للحياة، وتم استرجاع الملفات التي كادت تضيع مع قرصه التالف، وأصبح يمكنني تشغيله مع "فلاش ميموري" عليه العديد من الكتب وملفات pdf التي تأخرت في قراءتها، وتكوّن لدي "قارئ مكتبي" مناسب.. وما كنت أريد منه أكثر من هذا.
لكن الطمع غريزة في الإنسان!
فبعد أن نجحت في تشغيله، وتغيير لغة الكتابة فيه للعربية، وتوصيله بالإنترنت، واستخدامه لقراءة ملفات ال Comics المضغوطة المحملة عن طريق التورنت Torrent ، سولت لي نفسي طلب المزيد بما أني أعدت الحياة للجثة الهامدة، على الرغم من اضطراري لتركيب كل هذه البرامج من البداية في
كل مرة أفتح فيها الجهاز، للسبب السابق الذكر!


وقد تسأل: ولم كل هذا التعب؟!
والسبب هو أن شاشة هذا الجهاز مريحة جدا للنظر. وهو شيء أساسي لمن يعاني الصداع وضعف النظر مثلي، ويقرأ لساعات طويلة من شاشة الجهاز المضيئة.
ولو كنت تحتاج للتحديق في ملف طوله 900 صفحة بالإنجليزية، لفعلت أي شيء يخفف عليك تعب جلسات القراءة الطويلة، حتى لو كان إعادة تنصيب كل هذه البرامج كل يوم!

ولا تظن أني قصصت عليك كل الحكاية بتفاصيلها. فشيء واحد بسيط كتشغيل الإنترنت على هذا الجهاز يستلزم تركيب 3 برامج لتعريف كارت الشبكة ثم إدخال 5 سطور من الأوامر في Terminal يشبه واجهة الدوس القديمة DOS ، ثم تعريف الجهاز على الشبكة اللاسلكية المنزلية، ثم بعد كل هذا عليك عمل Sign In لكل حساباتك في المواقع المعتادة.. ثم تبدأ في استخدام الإنترنت!
لكن بحرص طبعا!.. لأن مساحة ال Cache محدودة ولا تتحمل التصفح لمدة طويلة، وعليك إفراغها كل فترة!
ويصعب التعامل مع الفيسبوك والتويتر واليوتيوب لنفس السبب بالإضافة لأن المتصفح الذي يأتي مع النظام هو Chromium القديم محدود الإمكانيات، ومحاولة تحديثه ستستهلك مساحة الذاكرة المؤقتة المتاحة، مما يصيب النظام بالبطء والتوقف.

لكن.. لا تدع كل هذا يخيفك من أنظمة اللينكس!.. فأي جهاز يحترم نفسه سينقذك من كل هذا ال "عذاب اللذيذ" الذي أعانيه. وهناك نسخ من اللينكس سلسة جدا ومبهرة بصريا وأفضل من الويندوز عدة مرات. المشكلة هي أني أحب شاشة هذا الجهاز القديم المريحة مع أنه طراز قديم من Dell اسمه Latitude D600 ، وله قدرة تحمل تفوق باقي الأنواع "الحساسة" التي تتعطل مع أول صدمة أو خبطة!

وتبقى بالطبع مسألة البرامج التي لن تتوافق إلا مع الويندوز، ولا بديل لها في اللينكس.. مثل المكتبة الشاملة التي يعتمد عليها كل طلبة العلم الشرعي اليوم تقريبا، وبعض الألعاب ثلاثية الأبعاد التي يصعب جعلها تعمل على اللينكس لأنها مصممة للويندوز أصلا، حتى مع "بيئة التشغيل الافتراضية" التي يمكنها إقناع أغلب البرامج أن تعمل على اللينكس Linux مع أنها مصممة ل Windows

ومهما كانت الصعوبات والعواقب فعليك أن تجرب الجديد وغير المألوف، خصوصا لو كان متوفرا وسهل المنال. ويكفي أنك مع اللينكس لن تضطر لكسر حماية البرامج كما كنت تفعل مع الويندوز، وما يصاحب هذا الفعل من محظورات شرعية معروفة. فبرامج لينكس مجانية ومفتوحة وحرة وأصحابها متطوعون ويستمتعون بالبرمجة وكتابة الأكواد. أما ويندوز نفسه فالواقع يقول أن أغلب نسخه في مصر هي مسروقة بالمعنى الحرفي للكلمة، ولم يدفع المستخدم ثمنها الأصلي الذي قد يصل أحيانا إلى 3000 جنيه للنسخة الواحدة!!
فكر في التحويل من الويندوز إلى اللينكس.. تعرف عليه ولن تخسر شيئا.. صدقني.

سلامة

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمون

مدونه اف اح