الوسيط هو المحتوى

0
ماكلوهان كان فيلسوفا متخصصا في الإعلام والاتصالات، وتنبأ بالإنترنت قبل ظهوره بـ30 سنة. له نظرية اسمها (الوسيط هو الرسالة)
medium is the message
ومعناها: أن الوسيلة الإعلامية نفسها هي التي تحدد نوع المحتوى الذي ستحمله، وبالتالي ستحدد التأثير الواقع على المشاهد!!
أي أنك لو كتبت قصة على الورق، ثم حاولت تقديمها في شكل فيلم، فسيكون تأثيرها الورقي مختلف تماما عن تأثيرها السينمائي.

والنتيجة الطبيعية لهذه المسألة هي أن الثقافة الحقيقية لا يمكن تحصيلها بالاعتماد فقط على الوسيط التليفزيوني أو السينمائي كبديل للوسيط المكتوب.

والنتيجة الأخرى هي صعوبة محاولة إجبار الوسيط السينمائي على تقديم "ترفيه نافع" يشبه النفع الذي نتلقاه من الوسيط الورقي. فالوسائط السينمائية المصورة تتحكم - بطريقة غير مباشرة - في المحتوى الذي يمكن تقديمه عليها.
فلو حاولت إرغامها على تقديم شيء "نافع" هي أصلا غير مبرمجة على توصيله، فسيكون الناتج فيلما مملا أو وعظيا يفتقد الإثارة التي تظهر تلقائيا عندما تستخدم الوسيط السينمائي في توصيل شيء ضار!!

ويقول ماكلوهان أن تأثير التليفزيون كان بطيئا وتدريجيا لكنه ناجح في قتل الوسيط الورقي.. وأن كل المحتويات والبرامج التي تتظاهر بأنها نافعة أو مفيدة أو أخلاقية هي في الحقيقة طُعم لصيد المتلقي وخداعه ثم ربطه بالوسيط لإدمان الفرجة عليه..
وفور وقوع الضحية في مخالب الوسيط فستتجه تلقائيا للجزء الفاسد والمفسد من الوسيط.. لأن الوسيط ذاته هو الذي يتحكم في المحتوى الذي يمكن تقديمه عليه، ولن يقبل تقديم أي محتوى آخر لا يناسبه.

فلو أردت توصيل فكرة معينة عن طريق رواية مثلا فستلاحظ أحيانا أن فن الرواية لا يناسب تلك الفكرة، وأن الأنسب هو تقديمها في شكل مقال مباشر دون اللجوء للحيل الفنية التي يحتمها الوسيط الروائي.
-----
ماكلوهان له مقولة أخرى شهيرة، هي أن الإنسان يتحول تدريجيا إلى الآلة التي يستخدمها. فنحن نشكّل أدواتنا ثم نستخدمها لفترة طويلة ظانين أننا نتحكم فيها، لكنها تبدأ في التحكم فينا ثم تشكيلنا!!

للأسف فرع فلسفة الإعلام غير موجود أصلا في الدراسات العربية، لهذا لا نستطيع استخدامه بنجاح لتحقيق أهدافنا كما تفعل الدول الغربية.
وهو مرتبط بفرع آخر يسمى دراسة تأثير البروباجاندا والإعلانات، تتعدد استخداماته بدءا بكيفية إقناع المشتري بشراء سلعة هو لا يحتاجها في الحقيقة، ووصولا إلى إقناع جماهير الشعب بفكرة سياسية حتى عندما تكون ضد مصلحتهم!!

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمون

مدونه اف اح