(خاطرة فكرية عابرة أسجلها هنا بشكل سريع قبل أن تضيع من ذهني)
-----
نظام (مبارك) التعليمي والإعلامي زرع في جيل الشباب مقولة خاطئة ومزيفة، كانت حصيلتها التخلف الثقافي الغالب عليهم اليوم
وهي أن الحفظ غير مطلوب للتعلم.
وانتشر وصف "حافظ مش فاهم" كنوع من السباب والاتهام بالجهل
في حين أن تاريخ العلم والثقافة يخبرنا بشيء مخالف تماما
فالشاعر كان يجب أن يحفظ آلاف أبيات الشعر أولا ليبدأ في الإنشاء
ودارس العلوم عليه حفظ معادلات ورموز ونتائج التجارب السابقة، ليبني عليها شيئا جديدا
والشيخ عليه معرفة أغلب ما قيل في كل مسألة يريد أن يأتي فيها بتفسير جديد أو قول فقهي مختلف، وإلا كان من القائلين بغير علم
فرانسيس بيكون مثلا يقال عليه مؤسس لطريقة التفكير التجريبية في القرن السادس عشر، وأنه موسوعي ويعتبر نخبة مثقفي عصره.. وبمراجعة تاريخه نرى بوضوح كيف عكف على حفظ أقوال السابقين وظل يرددها ويسجلها حتى يبني لنفسه أعمدة قوية يمكن أن يضع فوقها فيما بعد ما سيبتكره ويستخلصه مما فات
فالحفظ هو وسيلة العلم الأولى
انظر مثلا إلى العرب النوابغ وكيف كان الحفظ هو الأساس في أساليبهم الدراسية، وكيف وصل البخاري وابن كثير والقرطبي وابن حنبل إلى مكانتهم عن طريق حفظ آلاف النصوص حرفيا، بحيث تثبت في صدورهم وتتفاعل فينتج عنها رأيا يضيفونه لسجل العلم، ويحفظه عنهم من يأتي بعدهم!!
انظر إلى سيرة العلامة محمود شاكر وكيف حفظ ديوان المتنبي كاملا قبل أن يعرف معانيه.. وكيف كان نظام الكتاتيب قديما يخرج علماء وعباقرة وأدباء، مع أنه يعتمد أساسا على حفظ الصغار لآيات القرءان قبل أن يفهموا تفسيرها ومعانيها وإعرابها وجمالياتها اللغوية إلخ.
مأساة التعليم في مصر هي نسيان الطلاب للمناهج الدراسية فور انتهاء العام الدراسي
لكن لو كانوا يحفظونها طوال عمرهم لتراكمت المعرفة في عقولهم، عاما دراسيا بعد عام، إلى أن يخرجوا من أعوام الدراسة مثقفين بالفعل، ويحملون معارف جليلة في صدورهم يمكنهم استدعاؤها على ألسنتهم بكل سهولة تبعا للمسألة أو الموقف الذي يواجههم في حياتهم العملية بعد ذلك.
ولاحظ مثلا كيف أضاع اليهود والنصارى كتبهم لأنهم اعتمدوا على تدوينها فقط دون حفظها في الصدور، وبالتالي أصابها التحريف والتبديل.
لاحظ الفرق الشاسع بين كيميائي يحفظ الجدول الدوري برموزه وتفاصيله عن ظهر قلب، وآخر يحتاج كل مرة لمراجعة الجدول المكتوب ليتعرف على مدلول أي رمز يقابله في قراءاته وأبحاثه!!
ومن الآن، إن قال لك أحد هؤلاء الشباب أن الحفظ ليس مهما، فاعلم أنه لا يفهم ولا يحفظ، بل مجرد نتيجة طبيعية مأساوية لنظام التعليم المشوه الذي عبث بعقله طوال حياته.
-----
نظام (مبارك) التعليمي والإعلامي زرع في جيل الشباب مقولة خاطئة ومزيفة، كانت حصيلتها التخلف الثقافي الغالب عليهم اليوم
وهي أن الحفظ غير مطلوب للتعلم.
وانتشر وصف "حافظ مش فاهم" كنوع من السباب والاتهام بالجهل
في حين أن تاريخ العلم والثقافة يخبرنا بشيء مخالف تماما
فالشاعر كان يجب أن يحفظ آلاف أبيات الشعر أولا ليبدأ في الإنشاء
ودارس العلوم عليه حفظ معادلات ورموز ونتائج التجارب السابقة، ليبني عليها شيئا جديدا
والشيخ عليه معرفة أغلب ما قيل في كل مسألة يريد أن يأتي فيها بتفسير جديد أو قول فقهي مختلف، وإلا كان من القائلين بغير علم
فرانسيس بيكون مثلا يقال عليه مؤسس لطريقة التفكير التجريبية في القرن السادس عشر، وأنه موسوعي ويعتبر نخبة مثقفي عصره.. وبمراجعة تاريخه نرى بوضوح كيف عكف على حفظ أقوال السابقين وظل يرددها ويسجلها حتى يبني لنفسه أعمدة قوية يمكن أن يضع فوقها فيما بعد ما سيبتكره ويستخلصه مما فات
فالحفظ هو وسيلة العلم الأولى
انظر مثلا إلى العرب النوابغ وكيف كان الحفظ هو الأساس في أساليبهم الدراسية، وكيف وصل البخاري وابن كثير والقرطبي وابن حنبل إلى مكانتهم عن طريق حفظ آلاف النصوص حرفيا، بحيث تثبت في صدورهم وتتفاعل فينتج عنها رأيا يضيفونه لسجل العلم، ويحفظه عنهم من يأتي بعدهم!!
انظر إلى سيرة العلامة محمود شاكر وكيف حفظ ديوان المتنبي كاملا قبل أن يعرف معانيه.. وكيف كان نظام الكتاتيب قديما يخرج علماء وعباقرة وأدباء، مع أنه يعتمد أساسا على حفظ الصغار لآيات القرءان قبل أن يفهموا تفسيرها ومعانيها وإعرابها وجمالياتها اللغوية إلخ.
مأساة التعليم في مصر هي نسيان الطلاب للمناهج الدراسية فور انتهاء العام الدراسي
لكن لو كانوا يحفظونها طوال عمرهم لتراكمت المعرفة في عقولهم، عاما دراسيا بعد عام، إلى أن يخرجوا من أعوام الدراسة مثقفين بالفعل، ويحملون معارف جليلة في صدورهم يمكنهم استدعاؤها على ألسنتهم بكل سهولة تبعا للمسألة أو الموقف الذي يواجههم في حياتهم العملية بعد ذلك.
ولاحظ مثلا كيف أضاع اليهود والنصارى كتبهم لأنهم اعتمدوا على تدوينها فقط دون حفظها في الصدور، وبالتالي أصابها التحريف والتبديل.
لاحظ الفرق الشاسع بين كيميائي يحفظ الجدول الدوري برموزه وتفاصيله عن ظهر قلب، وآخر يحتاج كل مرة لمراجعة الجدول المكتوب ليتعرف على مدلول أي رمز يقابله في قراءاته وأبحاثه!!
ومن الآن، إن قال لك أحد هؤلاء الشباب أن الحفظ ليس مهما، فاعلم أنه لا يفهم ولا يحفظ، بل مجرد نتيجة طبيعية مأساوية لنظام التعليم المشوه الذي عبث بعقله طوال حياته.
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق